لا تسألني عن أخباري!! ولا تخف!! فأنا كما أنا على الفطرة!! لم يتغير بي شيء مثل أول ليلة خرجت بها على وجه الدنيا صرختي هي نفسها وابتسامتي التي لا تعي الحدث ما زالت ترتسم كل خمس دقائق لم يتغير بي شيء بالرغم من الصرخات حولي فأنا لا أعيها أو ربما أتعمد اللاوعي لأبقى على الفطرة أشرب ماء طاهراً كحليب أمي الذي رضعته وأتناول بيدي أصابعك لألهوا بها ذلك في الحقيقة لأرتشف بعضاً من حنانك أتصدق؟! أتصدق أنني ما زلت على الفطرة؟؟!! أنا في الحقيقة كذلك لم أختلق هذه الجملة لأنجو بك أو أجدك سجين بين يدي لأفرغ عاطفة معلقة منذ ولادتي بل أنا كذلك ..وكذلك أنا ولكنني لا أخفي عليك حقيقة!! أنني احتاج إليك كيف لي أن استغني عنك أتذكر أنني شعرت بوجودك ليلتها عند سريري في الحضانة تنظر لي بعينيك وقلبك أما أنا فكنت أتنفس عطرك الذي لم يدخل سواه في هواء حضانتي لليلتين كنت تنادي باسمي (ليلى) لأنك تعرفه قبلي أما أنا فلا أذكر إلا أنني كنت أسمع نبرة صوتك فأعلم أنك تقصدني أتذكر حينها أنك التقطت لي صورة تذكارية سمعت بها دونما أن أراها بكيت بعدها لأنك ذهبت من الغرفة وبقيت وحدي لليلة كاملة عدت بعدها لتحملني ثم تقبلني لم أنس قبلتك التي طبعتها على جبيني لأنني كنت الأولى في حياتك كنت فرحاً بي تفتخر بوجودي في حضنك في الحقيقة كان فخري أنا كانت جدتي توصيك ألا أغضب هي لا تعلم أنك أشد منها حرصاً كنت أهرب من أمي إلى حضنك ومن حضنك إلى حضن أمي كلاكما حضنين أحتاج إليه وافتقده اليوم أنظر إليكما وإليك يا أبي لأنني أحبك وأعلم أنك ما زلت تحبني لأنك تنظر لي كل فجر وكل مساء تناديني لتخبرني بما قرأت ليس لأنني أحب القراءة بل لأنك تحبني وأنا أحبك لا أتذكر أنني غرت من إخوتي من بعدي سوى أنهم شاركوني بحنانك ولكن أنطفأ جمر غيرتي قبل عشرين سنة أو أكثر لأنني وجدتك ما زلت تحبني ووجدت أمي ليلة البارحة أيضاً تحبني كنت في الليل كالعادة في حجرتي وحدي أشعر بالعطش آثرت فراشي أكثر من أن أرتوي فسمعت خطوات أمي تخرج من غرفتها لتأتي لي بكوب الماء الذي اشتهيته!! دونما أن أحدث روحها!!! كم أفتقدكما يا أبي وكم أفتقدك!!! فلقد أصبح بيني وبينك مترين كل صباح أو مساء دون أن أقبل رأسك دون أن أمسك بيدك لألعب بأصابعك وأنا أقول أحبك يا أبي لكنني أقسم لك إن اختبأت تلك الكلمة من حديثي فصمتي يحدث روحك بها كل ليلة تخلد فيها إلى نومك وأنا أخلد فيها إلى السهر مع نفسي فتمر صورة روحك أمام قلبي فأدعوا الله وأنا في قمة حبي لتلك الصورة: ((اللهم خذ روحي قبل روح أبي)).